التمییز
التمییز: اسمٌ نکرةٌ فضلةٌ منصوب، یرفع إبهامَ ما تقدّمه مِن مفرد نحو: [عندی رِطلٌ - عسلاً]، أو جملة نحو: [حَسُنَ خالدٌ - خُلُقاً] (1).
وهو نوعان:
الأول: أن یتقدّم المضافُ إلیه على المضاف، فیصیر المضاف إلیه فاعلاً أو مفعولاً به، ویصیر المضافُ تمییزاً. وذلک نحو: ]واشتعل الرأسُ - شَیباً] (2) والأصل: [اشتعل شیبُ الرأس](3). و ]وفجّرنا الأرضَ - عیوناً] (4) والأصل: [فجّرنا عیونَ الأرض](5).
والنوع الثانی: أن تحتاج الکلمة المفردة، أو الجملة، إلى تبیینٍ یُزیل ما فیهما من الإبهام، فیؤتى باسم هو التمییز، یرفع ذلک الإبهام ویُزیله، نحو:
عندی مِتْرٌ - جوخاً:
لو اجتزأنا بـ [عندی مترٌ]، لکان کلامنا من الوجهة الصناعیة تامّاً، إذ هو مؤلف من مبتدأ وخبر. ولکن الإبهام هاهنا یعتری قولنا، فلا یُدرَى: أمتر حریر هذا المتر، أم متر کتان، أم متر حدید تُقاس الأطوال به؟
فإذا أُتِیَ بالتمییز، فقیل: [جوخاً]، زال الإبهام، واتضح القصد.
لی قصبةٌ - أرضاً:
ما قلناه فی المثال الأوّل، یقال هنا. فقولنا: [لی قصبةٌ]، کلام تامّ، إذ هو من الوجهة الصناعیة، مؤلف من مبتدأ وخبر. ولکن الإبهام یعتریه، فلا یُدرَى: أهذه القصبة قصبةٌ مما تُنبت الأرض، أم قصبة مما یُکتَب به، أم قصبة تقاس بها الأراضی عند مسحها؟ فإذا أتینا بالتمییز، فقلنا: [أرضاً]، زال الإبهام، واتضح القصد.
خالدٌ أکبر منک - سِنّاً:
قولنا: [خالدٌ أکبر منک]، هو من الوجهة الصناعیة،کلام تامّ، مؤلّف من مبتدأ وخبر. ولکنّ الإبهام یعتریه، فلا یُدرَى أخالدٌ أکبر منک حجماً، أم عُمراً، أم قَدْراً ؟ فإذا أُتِیَ بالتمییز، فقیل: [سِنّاً]، زال الإبهام، واتّضح القصد.
امتلأ قلبُ زهیر - سروراً:
جملة: [امتلأ قلب زهیر]، تصدق على أشیاء کثیرة یمتلئ بها القلب، من فرح وسعادة وحُزن وغبطة إلخ... وذلک مدعاةُ إبهام، وللتبیین والإیضاح، أُتِیَ بکلمة [سروراً]، فأوضحتْ وفسّرتْ، وأزالت الإبهام، وبیّنتْ أنّ قلب زهیر إنما امتلأ بالسرور، لا بغیره مما یمتلئ به فی الحالات المختلفة.
وقس على ذلک قولَک: [عندی ذراعٌ - حریراً]، و[لک قنطارٌ - عسلاً]، و[أعطِ الفقیر صاعاً - قمحاً]، و[ما فی السماء قَدْرُ راحةٍ - سحاباً]، و[عندی جَرَّةٌ - ماءً]، و[لنا مثل ما لکم - خیلاً، ولنا غیر ذلک - غنماً]، و[عندی خاتمٌ - ذهباً]، و[کفى بالشیب - واعظاً]، و[عَظُمَ علیٌّ - مقاماً]، و[ارتفع سعیدٌ - رتبةً]، و[ملأتُ بیتی - کتباً]، و[سموتَ - أدباً]، و[ما أکرمکَ - رجُلاً]، و[أَکرِمْ بسلیم - خطیباً] إلخ...
تنبیهات:
1- قد یتقدّم التمییز على فعله، نحو: [نفساً یطیب خالدٌ]، إلاّ أن یکون فعلاً جامداً نحو: [ما أحسنه فارساً]، فیمتنع ذلک.
2- لا یتقدّم تمییز المفرد على الممیَّز، قولاً واحداً. فلا یقال مثلاً: [نجح طالباً عشرون].
3- التمییز اسمٌ جامد، ولکن قد یکون مشتقاً نحو: [لله درّه فارساً].
فوائدُ تجلوها مقابلةُ الحالِ بالتمییز:
الحال |
التمییز |
الأصل فی الحال أنها مشتقّة |
الأصل فی التمییز أنه جامد |
الحال على معنى [فی] |
التمییز على معنى [مِن] |
قد تحذَف الحال فیفسد المعنى |
یُحذَف التمییز فلا یفسد المعنى |
الحال تفسِّر هیئة صاحبها |
التمییز یفسِّر ما انبهم من مفرد أو جملة |
الحال تکون اسماً وجملة وشبه جملة |
التمییز لا یکون إلاّ اسماً |
* * *
نماذج فصیحة من استعمال التمییز
· ]رأیتُ أحدَ عشَرَ کوکباً[ (یوسف 12/4)
[أحدَ عشرَ کوکباً]: تجری کتب الصناعة على أنْ تُعرِب الاسم المنصوب [أی: المعدود]، بعد العدد تمییزاً، من الأحد عشر إلى التسعة والتسعین. وترى نموذج ذلک فی کلمة [کوکباً] مِن الآیة، فإنها المعدود بعد العدد: [أحد عشر] فتُعرَب تمییزاً منصوباً(6).
ومثل ذلک، قوله تعالى: ]إنّ هذا أخی له تسعٌ وتسعون نعجةً[ (ص 38/23)، فالتمییز هنا هو: [نعجةً]. وقوله أیضاً ]فانفجرت منه اثنتا عشْرةَ عیناً[ (البقرة 2/60)، فالتمییز هنا هو: [عیناً].
· قال الشاعر:
إذا المرء عیناً قرَّ بالعیش مُثرِیاً ولم یُعْنَ بالإحسان، کان مذمَّما